الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة العرب، بين كأس العالم وعدوان إسرائيل الغاشم!

نشر في  16 جويلية 2014  (18:42)

أمام صمت عالمي رهيب وعجز عربي مريب وتواطؤ أمريكي فظيع، تواصل إسرائيل حربها واعتداءاتها الوحشية على غزة ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وحقوق الأطفال والمدنيين وذلك في عملية هي أشبه ما تكون بالتصفية العرقيّة لشعب أعزل افتكّت أراضيه واغتصبت قُراه ومُدُنه وخيراته ومعالمه..
في هذا الوقت الذي تتعرّض فيه غزة لشتّى أنواع الاعتداءات الوحشية الإجرامية التي طالت الكبار كما الصغار، كانت شعوب العالم العربي مشغولة بمتابعة نهائيات كأس العالم التي أُسدل عليها السّتار يوم الأحد الماضي.. تفاعلت هذه الشعوب مع المونديال، فرحت ورقصت وحزنت وتألّمت، فبدت وكأنها مخدّرة مثلما هو الحال لحكامها لا يعنيها ما يحصل لشعب عربي من مظالم مقرفة وهذا دليل على أن أهداف الغرب الرئيسية تحققت وفي مقدّمتها جعل الدم العربي رخيصا بخيسا وقتل كل الحواس والمشاعر التي كانت تجمعنا وتوحّدنا وتزيد من تضامننا.
ولاشك أن القتل اليومي الذي يحصل في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من بُؤر التوتّر في عالم عربي بات مسرحا يقتّل فيه العرب بعضهم البعض، جعل الناس تتقبّل ما يحدث في فلسطين ببرود ولا مبالاة عدا تحرّكات نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي أو الأحزاب السياسية التي سعت لاستغلال مثل هذه المناسبات وتوظيفها بالشكل الذي يخدم مصالحها ويُلمّع صورتها.
ما يحدث اليوم في غزة شبيه بما حدث في مناسبات سابقة، وهو المشهد ذاته الذي يتكرر كلما تعلق الأمر بعدوان إسرائيلي غاشم وحرب إبادة جديدة ضد الشعب الفلسطيني:صمت دولي، وعجز عربي، وجرائم تتصاعد وتتسع رقعتها بشكل أفظع من ذي قبل.. ثم تأتي مرحلة أخرى بعد منح العدوّ فرصته لتحقيق غاياته، يبدأ فيها حراك ديبلوماسي خجول متبوع بتنديد واستنكار وسلسلة تصريحات غاضبة لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
ففي الوقت الذي استقبلت فيه أغلب شعوب العالم العربي شهر رمضان المبارك بالتهليل والتكبير والفوانيس إستقبل الفلسطينيون الشهر الكريم بالصواريخ وقذائف الدبابات وأحدث الأسلحة والقنابل المحرمة.. ولقد انتظر الشعب الشقيق مساندة حقيقية وحماية من المجتمع الدولي، لتتمخض الجعجعة عن بيان جبان لمجلس الأمن، يدعو فيه «الفلسطينيين والإسرائيليين إلى وقف إطلاق النار»، مساويا بين الجلاد والضحية، ومحملا الطرفين مسؤولية تصاعد العنف! متجاهلا أن جيش الاحتلال صب في عدوانه على غزة حتى الآن آلاف الصواريخ وقذائف القتل المتطورة، وخلف أكثر من 150 شهيدا، أغلبهم من النساء والأطفال والمدنيين، ومن بينهم أسر كاملة، إضافة إلى أكثر من ألف جريج ومصاب ومعوق، ناهيك عن حجم الدمار الذي طال المساكن والمنشآت والبنى التحتية، فيما يحشد العدو قطعان جيشه البرية، ويلوح بمزيد من القتل والدمار عبر الاجتياح البري للقطاع المنكوب.
التواطؤ الدولي، استكثر أن يتضمن بيان مجلس الأمن إدانة صريحة للعدوان الإسرائيلي على غزة، وتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم التي ترتكب في القطاع، واكتفى ببيان هزيل، بل ومتواطئ مع الاحتلال.
أما عربيا، فلم يكن أحد يتوقع أكثر مما جادت به السياسة العربية تجاه شلال الدم الفلسطيني المنهمر في غزة والقدس والضفة الغربية، بل قد يُحسب لمجلس الأمن الدولي أنه استبق جامعة الدول العربية ووزراء خارجيتها الذين قرّروا بعد انتظار طويل الاجتماع في القاهرة، لمناقشة العدوان الإسرائيلي على القطاع، فيما لا يُتوقع أن يصدر عن الاجتماع العربي غير تنديد مبحوح، وربما دعوات إلى التهدئة والهدنة، والعودة إلى اتفاق 2012 بين إسرائيل وفصائل المقاومة في قطاع غزة.
عداد الشهداء والضحايا في غزة وفلسطين سيبقى مفتوحا إلى أجل غير مسمى، ما دامت مواقف المجتمع الدولي متواطئة للعدوّ الإسرائيلي. وستستمر المجزرة وتتكرر ما دامت الدول العربية غير فاعلة في تقديم الحد الأدنى من الموقف السياسي الموحد، الذي يرتقي إلى حجم التحدي الإسرائيلي.
والثابت -وأمام ما يحصل من قتل وتقتيل فيما بيننا- أن أنفسنا هانت علينا فأصبحنا أكثر هوانا على الناس، كنا «خير أمة أخرجت للناس»، فأصبحنا أمة تمتهن كرامتها كل يوم دون رد او دفاع،.. لذلك و بعد أن تأكد -بما لا يدع مجالا للشك- أنه ما بأيدينا حيلة، لم يبق لنا سوى أن ندعو الله أن يخلص الأشقاء مما يدبّره لهم العدوّ المغتصب ويفكّ كربهم ويفرّج همّهم وينصرهم على القوم الظالمين.

بقلم: عادل بوهلال